Written by  آب 12, 2025 - 0 Views

حين يكتب الجسد تاريخ الأمم: ليلة أسطورية في مهرجان قرطاج

تؤمن الشعوب بأن أمجادها تُبنى على أساس متين من تراثها، وأن هويتها تتجذر في حكايات الماضي وفنون الأجداد.

وفي تجسيد حي لهذه الفلسفة، تحول المسرح الروماني العريق إلى ملتقى عالمي للثقافات، حيث احتضنت الدورة التاسعة والخمسون لمهرجان قرطاج الدولي سهرة "فلكلور" الاستثنائية مساء الاثنين 11 أغسطس 2025. 

على خشبته التاريخية، اجتمعت عشر فرق تقليدية من تونس والجزائر وليبيا والعراق ومصر وفلسطين وصربيا والهند والسنغال وبوركينا فاسو، لتروي كل منها قصة بلدها بلغة الجسد والإيقاع.

**أفريقيا.. نبض الحرية وإيقاع الحياة**

كانت البداية من قلب القارة السمراء، "ماما أفريكا" الشامخة بتنوعها الثقافي. من السنغال، حمل الفنان ديان أدامس رسالة إنسانية، فغنى للأطفال، وخصّ بأغنياته أطفال فلسطين، وصدح صوته عالياً من أجل الحرية. ومن بوركينا فاسو، توحدت آلات الكورا والدجمبي والبلافون لتقدم ملحمة موسيقية أفريقية خالصة. كانت ضربات أقدامهم الحافية على المسرح بمثابة كتابة متجددة للتاريخ، ورقصاتهم بالسيف والعصا تعبيراً عن التلاحم والوطنية، تتوجت برفع علم بلادهم في مشهد مهيب يجسد شوق الإنسان الأزلي للحرية.

**من البلقان إلى راجستان.. الرقص لغة لا تحتاج لترجمة** 

عبرت الرحلة القارات لتصل إلى أوروبا الشرقية مع معهد بلغراد للرقص والغناء من صربيا. على أنغام القيثارة الساحرة، رسم الراقصون بحركاتهم الدائرية تفاصيل من تاريخ بلادهم، وقدموا رقصة "كولو" الشهيرة التي تتشابك فيها الأيدي وتتسارع فيها الخطوات في تناغم بديع. 

ومن هناك، حلّقت الأنظار إلى قارة آسيا، وتحديداً إلى ولاية راجستان الهندية. على إيقاعات الطبل الهندي القوية، أطلت راقصتان بزي "شانيا شولي" الملون، لتنشرا طاقة من الفرح بحركات مبهرة، وتستعرضا فلكلوراً غنياً برقصات مثل "باتي" و"باغارو"، مؤكدتين أن الرقص لدى الهنود لغة ضاربة في عمق الثقافة والحكايات. 

**ألوان مغاربية ومشرقية تزين سهرة قرطاج** 

لم يغب التراث المغاربي عن الاحتفالية، حيث قدمت فرقة "طوايف غبنطن" التونسية، المسجلة حديثاً ضمن قائمة اليونسكو للتراث غير المادي، لوحة فنية تمزج بين الرقص الفريد وسحر إيقاعات الجنوب. ومن ليبيا، أعلن صوت المزود عن احتفالية الصحراء، فقدمت الفرقة الوطنية للفنون الشعبية لوحات مستوحاة من حياة الطوارق. أما فرقة "تيفاست" الجزائرية، فعزفت إيقاعات الشاوية التي تتناغم مع أهازيج الشمال التونسي، مذكرةً بأن الموسيقى لا تعترف بحدود الجغرافيا. 

من المشرق، حملت فرقة "دار الأزياء" العراقية الجمهور في رحلة عبر حضارة بلاد الرافدين، حيث امتزجت رقصات الهجع والجوبي مع أزياء تراثية موشاة بالخط العربي وتيجان السلاطين. ومن مصر، ارتفع صوت المزمار مع رقصة التنورة الصوفية التي حلّق فيها الراقص بجسده ليلامس الروح في مشهدية بصرية ساحرة. 

**فلسطين.. حين تكون الدبكة صرخة للحياة** 

وكان الختام مع فلسطين، حيث تحولت الخشبة إلى ساحة للثورة والأمل. 

على إيقاع أغنية "عاشوا الفلسطينية"، دخلت فرقة "الكوفية" بأزيائها التقليدية التي تروي حكاية شعب بأكمله. 

كانت الدبكة هي صوت الحرية، وضربات الأقدام القوية على الأرض صرخة ضد الصمت، وتأكيداً على استماتة شعب الجبارين في الدفاع عن أرضه وذاكرته، من النهر إلى البحر.

Contact Info (2)

  • Lorem Ipsum is simply dummy text of the printing and typesetting industry. Lorem Ipsum is simply dummy text of the printing and typesetting industry.
  • No 1123, Marmora Road, Glasgow, D04 89GR.
  • (801) 2345 - 6788 / (801) 2345 - 6789
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Top
We use cookies to improve our website. By continuing to use this website, you are giving consent to cookies being used. More details…